القاهرة، لندن، واشنطن، بكين، وغيرها من العواصم الشهيرة التي تجذب ملايين الزوار يوميا، وتكون المقر الرئيسي للحكومة والوزارات وأغلب سفارات الدول.
لكن هل تسألت يوماًعلى أي أساس تقوم دول العالم بإختيار عاصمتها؟.. هذا من سنتعرف عليه معاً
كيف تختار الدول عاصمتها؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الحكومة تقرر إتخاذ مدينة ما عاصمة لها تمثلها في كافة المحافل الدولية وتكون هي المركز الرئيسي للسلطات الحاكمة، ونتعرف معاً على أهم العوامل التي بناءاً عليها يتم إختيار عواصم الدول.
الموقع الجغرافي
تقوم الدولة بإختيار عاصمتها بناءاً على عدة أسباب قد تختلف من دولة لأخرى، ولكن نستطيع أن نقول أن "الموقع" هو العامل المشترك بين غالبية تلك الدول، حيث يجب أن تقع العاصمة في مركز الدولة "منتصفها"، والسبب في ذلك هو عدم إيصال شعور إلى السكان أن العاصمة تنجذب أكثر لسكان الجنوب او الشمال او الشرق او الغرب.
وجود العاصمة في منتصف الدولة هو تعبير بأنها غير منحازة إلى جهة ما أو قومية ما أو إلى أحد المناطق الجغرافية. على سبيل المثال على تلك العواصم التي تتوسط البلاد "القاهرة"، حيث لن تجدها قريبة من الجنوب ومن أهالي الصعيد، أو من الوجه البحري أو حتى من سيناء شرقاً ولا الظهير الصحراوي غرباً، حيث تكون الغالبية بهم من سكان البدو. كما نجد مثال أخر في مدينة مدريد التي تتوسط أسبانيا.
من الدول التي عانت كثيراً من الصراعات والنزاعات الأهلية هي دولة نيجيريا، وفي محاولاتها في توحيد البلاد قامت بالعديد من الجهود الأمنية والإتفاقيات، وكان من أبرز القرارات التي أتخذتها الدولة هي بناء عاصمة جديدة تتوسطها وتدل على وحدتها بعدما كان يُنظر دائماً للإنقسامات التي بها على أنها بسبب جغرافيتها.
التعداد السكاني
تقوم بعض الدول بإختيار عاصمتها بناءاً على المدن الأكثر إكتظاظاً بالسكان، على سبيل المثال نرى عاصمة كوريا الجنوبية "سيول" التي يمثل سكانها حوالي 20% من الشعب الكوري الجنوبي، كما نرى "ليما" عاصمة بيرو والتي يعيش بها ربع سكان البيرو، كما نجد أيضاً العاصمة التشيلية "سانتياجوا" والتي يقطنها 25% من سكان الدولة.
النزاعات السياسية
ستجد بعض العواصم التي لا يقطنها غالبية سكان الدولة كـ البرازيل التي نجد بها مدينة ساو باولو والتي يقطنها أكثر من 12 مليون نسمة، ولكنها ليست مقر الدولة بل عاصمتها برازيليا والتي يعيش بها 3 ملايين نسمة فقط!، ولا حتى تتواجد في منتصف الدولة. فما سبب إختياراها إذاً؟
الإجابة ببساطة هي عوامل أخرى تُجبر الدول على إتخاذ عاصمة بناءاً على أسباب قهرية أخرى، ومن تلك الأسباب هي النزاعات السياسية التي تحدث في العديد من الدول وتجبرها على تغيير العاصمة ومقر الحكم.
وتُعد العاصمة الأمريكية "واشنطن" خير مثال على تلك المنازاعات بين السياسيين، حيث تم إختياراها بعد تسوية سياسية قام بها جورج واشنطن بعد تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 1790. كان هناك نزاع بين الولايات الشمالية بزعامة "ألكسندر هاملتون" والجنوبية والتي تحدث بأسمها كلاًمن "توماس جيفرسون" و"جيمس ماديسون" وكان كلا القطبين يرغبان في أن يكون مقر الحكومة الفيدرالية لديها.
في النهاية وبعد أن توصلا الطرفان للتسوية قام جورج واشنطن بإختيار قطعة أرض صغيرة وخالية تقع في فيرجينيا وميريلاند على نهر بوتوماك، وهي ما سُميت على أسمه وهي "واشنطن" عاصمة الولايات المتحدة الأمريكة اليوم.
الأحداث التاريخية
يعمل التاريخ على تشكيل العديد من الدول والتغير في الحدود والسياسات وحتى إختيار العواصم، ومن الأمثلة على العواصم التي كان للتاريخ والحروب تأثيرا في تغييرها وتوحيدها وإختيارها مجددا هي ألمانيا. الغالبية منا يعلم أنه بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط هتلر والنازية بدأت حرب أخرى وهي الحرب الباردة.
أنقسمت الدولة التي أرعبت العالم إلى ألمانيا الغربية وكانت عاصمتها تُعرف بأسم "بون" وألمانيا الشرقية أو كما كانت يُطلق عليها "جمهورية ألمانيا الديموقراطية" والتي كانت عاصمتها برلين الشرقية، حتى سقوط جدار برلين وتصويت مجلس الشعبب الألماني على إختيار عاصمة موحدة، وكان التصويت بين برلين وبون، وتم إختيار برلين عاصمة للدولة بعدد 337 صوت مقابل 320 صوت لبون، وكان ذلك عام 1991.
جنوب أفريقيا أيضا واحدة من الدول التي كان للأحداث التاريخية تأثيراً كبيرا على إختيار عاصمتها حتى يومنا هذا، حيث كان ولازال للإستعمار البريطاني والفصل العنصري نتائج ظلت مؤثرة على توحيد البلاد تحت عاصمة موحدة لها، ففي جنوب أفريقيا نجد ثلاث عواصم لثلاث سلطات وهي:
- السلطة الإدارية ومقرها مدينة "بريتوريا"
- السلطة التشريعية ومقرها مدينة "كيب تاون"
- السلطة القضائية ومقرها مدينة "وبلومفونتين"، والغريب هنا أن المحكمة الدستورية والتي هي مركز السلطة القضاشية يقع في "جوهانسبرغ".
لم تفلح أي محاولة لإختيار عاصمة لجنوب أفريقيا حتى اليوم، وكانت أبرز تلك المحاولات تلك التي حدثت في عام 1994 بعد إنتهاء الفصل العنصري، ولكنها باءت بالفشل
هذه هي أكثر العوامل التي تقوم عليها عواصم الدول، ولكن ذلك لا يمنع حدوث بعض الإستثناءات لعدد قليل من الدول التي قد نجد أن العاصمة تم إختياراها من قبل حاكم مُستبد يقوم بإختيارها بناءاً على أهواءه الشخصية، أو سلطة تقوم بإختيار عاصمة بعيدة عن السكان لحماية نفسها وحكمها بعيداً عن الشعب أو خوفاً من الإضطرابات ضدهم كـ السلطة العسكرية في ميانمار
في النهاية تظل العاصمة هي رمز الدول والأنظمة، وهي الأكثر شهرة بالدولة والتي تجذب العديد من السياح والزوار سواء من خارج البلاد أو من داخلها